لماذا لم تنجح جلسات شيوخ قبائل ليبيا في طي النزاع السياسي؟

شكرا لمتابعتكم خبر عن لماذا لم تنجح جلسات شيوخ قبائل ليبيا في طي النزاع السياسي؟ والان مع تفاصيل هذا الخبر

دفع الانقسام السياسي، المسيطر على ليبيا منذ سنوات، الكثير من المتابعين بالبلاد إلى طرح تساؤل عن مدى فاعلية ونجاعة الجلسات والاجتماعات التي يعقدها شيوخ القبائل في تقريب وجهات النظر بين المتنازعين على السلطة، ومن ثم مساعدة البلاد في طي صفحة الماضي.

جانب من ملتقى مجلس شيوخ ليبيا الذي عُقد في مدينة بني وليد الأحد (الملتقى)

ويأتي هذا التساؤل، الذي انشغلت به الساحة الليبية خلال سنوات الانقسام الماضية، في ظل تعدد اللقاءات التي يتزعمها أعيان ومشايخ، وتُعقد بمناطق مختلفة بالبلاد، أو تلتفّ حول مسؤولين حاليين بالسلطة، لكنها في العموم تعكس «استقطاباً حاداً وميلاً جهوياً».

واحد من هذه الاجتماعات احتضنته مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا)، وذلك مساء الأحد، وضمّ وفوداً من غالبية المناطق متمثلة في مجلس شيوخ ليبيا، وتطرق إلى مناقشة أمور تتعلق بالانتخابات وسبل توحيد المؤسسات الليبية.

وعلى الرغم من أن لقاء المجلس تناول أيضاً قضايا تتعلق بالدستور وإخراج القواعد العسكرية من ليبيا، فإن مراقبين يرون أن الأمر «لا يخرج عن كونه بياناً تتم تلاوته وينتهي الأمر، وتظل الخلافات الجوهرية مسيطرة على المشهد العام بالنظر إلى وجود حكومتَين تتنازعان السلطة وتلقيان دعماً من مثل هذه الاجتماعات».

ويزداد الانقسام السياسي في ليبيا مع وجود حكومتين في البلاد، إذ يرأس عبد الحميد الدبيبة حكومة «الوحدة الوطنية» في العاصمة طرابلس، بينما يقود أسامة حمّاد الحكومة المكلفة من البرلمان، وتدير شؤونها من شرق البلاد.

ومع كل اشتباكات مسلحة أو كارثة تحل بالبلاد يستحضر البعض الدور القبائلي للتغلب على الأزمات والصعاب، لكن رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، يرى أنه «لم يعد لشيوخ القبائل أي دور أو تأثير منذ 2011».

مشاركون في ملتقى مجلس شيوخ ليبيا في بني وليد الأحد (الملتقى)

وكان العشرات من مشايخ القبائل قد اجتمعوا في بني وليد، مساء الأحد، وقالت مديرية الأمن بالمدينة إنها تكلفت بتأمين الوفود التي حلت على المدينة «من أجل مناقشة أمور الوطن».

وبالنظر إلى البيان الختامي لمجلس شيوخ ليبيا، الذي تحدث عن بحث المجتمعين المصالحة الوطنية والتشديد على «عدم تدوير الأزمة وعدم خلق حكومات جديدة والتوجه إلى صندوق الانتخاب»، فإن مسؤولاً سياسياً بشرق ليبيا قال إن هذا الاجتماع «يخدم بقاء الدبيبة في السلطة»، لكنه مع ذلك ثمّن دور القبائل في كثير من المواقف التي تمر بها البلاد.

وقال السياسي الليبي، الذي تحفظ عن ذكر اسمه: «لا أحد يغفل الدور الوطني للقبائل الليبية؛ لكن مع الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد منذ 8 سنوات، بدأت الأطراف السياسية الحاكمة تستقطب القبائل لمصالحها الشخصية؛ بترويج ما تريد».

جانب من ملتقى مجلس شيوخ ليبيا في مدينة بني وليد يوم الأحد (الملتقى)

وتعيش ليبيا حالة من الترقّب مع تصاعد الخلافات بين أطراف العملية السياسية وتحركات عسكرية لمجموعات مسلحة، علماً بأن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي استقال في وقت سابق من هذا الشهر.

ونوّه الشبلي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأنه بعد اندلاع الحرب في البلاد، وانتشار السلاح في أيدي القبائل، بدأت هذه القبائل تتقاتل فيما بينها وتمزّق النسيج الاجتماعي و«لم يعد للقبائل أي دور أو أي كلمة على أبنائها أو شيوخها»، وفق قوله.

ومضى الشبلي يقول: «التعويل على القبيلة في إيجاد حل سياسي بعد أن تحاربت المدن والقبائل وسال الدم بينها وأصبح هناك ثأر حتى داخل القبيلة الواحدة، لم يعد موجوداً؛ حيث أصبحت الكلمة للسلاح والنافذين مالياً وعسكرياً».

ووجه المشاركون في اجتماع بني وليد انتقادات لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، واتهموها بأنها «تلعب دوراً سلبياً» مع توالي الحكومات على البلاد منذ سقوط نظام الزعيم السابق معمر القذافي قبل 13 عاماً.

جانب من الملتقى في بني وليد (الملتقى)

وقال سيف الله الحطاب، أحد مشايخ مدينة غريان، خلال الاجتماع، إن على بعثة الأمم المتحدة إما أن تكون شريكاً ومساعداً في بناء القرار وفي بناء الحكومة وفي الانتخابات و«إما تُزاح من الشكل العام لأن وللأمانة مع توالي الحكومات لاحظنا أن دورها سلبي وليس بالإيجابي، ولم نستفد منها شيئاً».

غير أن الشبلي لم يعتد بأي تحرك للقبائل لجهة فض النزاع الحاصل، وقال إن «التعويل على القبيلة في إيجاد حل سياسي وهم»، متابعاً: «اجتماع بني وليد الأحد سبقته عشرات بل مئات اللقاءات في مختلف مدن ليبيا؛ وكلها كانت عبارة عن صرخة في وادٍ ولم يكن لها أي تأثير في المشهد السياسي».

وانتهى الشبلي قائلاً: «المشهد العام الآن محكوم دولياً بحيث سلم السياسيون الليبيون أوراق اللعبة للأميركيين والإنجليز والفرنسيين والأتراك؛ ومحلياً باتت الأمور في قبضة مجموعة من السياسيين الذين يرفضون مغادرة المشهد».

وكان من المقرر إجراء الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، لكنها تأجلت لغياب التوافق بين الأطراف السياسية على الأسس القانونية للاقتراع.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً