مصر وإيران تؤكدان الرفض التام لأي عملية عسكرية إسرائيلية برية في رفح

شكرا لمتابعتكم خبر عن مصر وإيران تؤكدان الرفض التام لأي عملية عسكرية إسرائيلية برية في رفح والان مع تفاصيل هذا الخبر

رسالة حياة وأمل وسط الحرب… عرس جماعي فلسطيني بخان يونس (صور)

على أنغام الأهازيج الفلسطينية، دخل خمسة عرسان محمولين على أكتاف الشبان ساحة حفل الزفاف الجماعي بمخيم للنازحين غرب خان يونس بقطاع غزة، وسط تصفيق الحضور الذين وقفوا يحيونهم وهم يشقون طريقهم ويلوحون بأياديهم لمهنئيهم.

وبينما تعالت عبارات الترحيب والتهنئة المصاحبة لما يطلق عليها الفلسطينيون في حفلاتهم «دخلة العرسان» عبر مكبرات الصوت التي وصل صداها لخيام بعيدة عن مكان الاحتفال، كانت النسوة تحتفل بالعرائس داخل خيمة خاصة بهن لا يسمع منها إلا بعض الزغاريد بشكل متقطع.

تعلو الابتسامات وجوه العرسان وهم يصفقون بأياديهم تارة ويتمايلون بهدوء وخجل شديدين تارة أخرى، قبل أن يندفع بعض الشبان حولهم ويلتفون في دائرة واسعة وهم يتحركون على أنغام «الدحية»، وهي رقصة تقليدية، وترتبط كلماتها ونغماتها بواقع الحرب والنزوح المكتظ بكثير من المعاناة إلى جانب الرغبة في الحياة.

يصعد العرسان منصة الحفل ويتزايد التصفيق وصفارات الشباب مع انطلاق أولى الأغاني لفرقة النشيد المكونة من ثلاثة أفراد ألهبوا المكان بالمزاوجة بين أغاني الأعراس الفلسطينية التقليدية المتناغمة مع أوضاع الحرب الراهنة، وأناشيد الحماسة الوطنية التي تفيض بكلمات تحدي إسرائيل وإصرار الفلسطينيين على تحرير وطنهم مهما كانت التحديات.

يقول أحد العرسان إنه كان لا بد من رسالة تبعث الحياة والأمل في نفوس النازحين (وكالة أنباء العالم العربي)

بين العرسان كان حمادة الخروبي (27 عاماً) الأكثر ابتهاجاً وتفاعلاً مع فقرات الحفل التي بدأت باستقبال الأهالي والمهنئين بعد عصر أمس وامتدت حتى قبيل المغرب، في وقت كان أصحابه يحملونه منفرداً ويجوبون به الساحة المقابلة للمنصة بعض الوقت حتى يوصلوه لمكان جلوس عائلته وجيرانه الذين لا يتوقفون عن التصفيق ومشاركته فرحته.

الشاب النازح مع عائلته من حي الرمال بمدينة غزة إلى منطقة المواصي في خان يونس في رحلة نزوح بدأت قبل ستة أشهر تنقل خلالها عدة مرات، كان مقرراً زواجه في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد خطوبته قبل أربعة أشهر، لكن ظروف الحرب حالت دون ذلك.

يبين الشاب أن عائلته من محبي الحياة والفرح والحفلات كبقية الفلسطينيين، وكانت تنتظر موعد زفافه لتحتفي بهذه المناسبة بأشكال ووسائل الفرح المعروفة والمتاحة بغزة، لافتاً إلى أن العائلة صبرت طوال هذه المدة حتى غاب أي أفق لنهاية الحرب وقرر الجميع عقد القران وإتمام الزواج وفق المتاح.

العرس الجماعي تأكيد على حب الفلسطينيين للحياة بكافة تفاصيلها (وكالة أنباء العالم العربي)

والمتاح، بحسب العريس، لا يعدو كونه بعض الإمكانات المحدودة للغاية المرتبطة بأوضاع النزوح البائسة، فضلاً عن أن مآسي الحرب سترافق أهل غزة اجتماعياً ونفسياً لسنوات طوال ولن تسمح بأي مظاهر للأفراح التقليدية المعتادة قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما اندلعت الحرب، مهما توفرت الإمكانات لاحقاً، وفق تقديره.

ويقول: «الأمر يتجاوز فكرة عدم وجود صالات أفراح أو بيوت أو أي مكونات لحفلات الزفاف المعتادة لدينا، لكننا نرتبط بواقع مرير عنوانه الإبادة والتدمير الشامل لكل ما يرمز إلى الحياة، ما يعني أننا نفسياً غير قادرين على الاحتفال بالأسلوب المعروف ما قبل الحرب».

ويضيف: «لذلك آثرنا القبول بما يتناسب وظروفنا الحالية سواء من حيث غياب أدنى متطلبات الزفاف والحياة معاً، واكتفينا بحفل جماعي يحضره الأقارب والأصدقاء لنفرح وسط هذا الظلام المميت».

ويوضح الخروبي أن شقته كانت شبه جاهزة قبيل الحرب ليتزوج فيها ويبدأ حياته التي كان يتمناها، لكنها تعرضت لأضرار كبيرة جراء القصف الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه سيتزوج في خيمة بطريقة لم يكن يقبلها أو يتوقعها حتى في أسوأ كوابيسه، حسب وصفه.

الرسالة الأساسية للزفاف الجماعي تتعلق بقدرة الفلسطينيين على الاستمرار في حياتهم (وكالة أنباء العالم العربي)

رسالة أمل

هي ذات الفكرة التي عبر عنها العريس سعيد سرار الذي أصيب خلال الحرب بكسور شديدة في قدمه اليسرى، ما اضطره لاستخدام عكازين في المشي، فضلاً عن مقتل والد زوجته خلال قصف إسرائيلي، يضاف إلى ذلك نزوحه ومغادرة منزله أسوة بسكان خان يونس وانتقاله إلى المواصي.

ويؤكد سرار (43 عاماً) أنه كان يأمل الاحتفال بزفافه في ظروف مغايرة تماماً، لكن واقع الحرب فرض هذا الاحتفال البسيط في ظل استمرارها للشهر السابع على التوالي ولا يمكن التكهن بموعد نهايتها.

ويعتقد سرار أن الأمر لن يختلف كثيراً حتى وإن توقفت الحرب في ظل تدمير منزله وحالة الحزن المسيطر على الجميع بشكل كبير للغاية جراء سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والمفقودين والتدمير الواسع للمنازل والممتلكات.

ويقول سرار: «في ظل كل هذا، كان لا بد من رسالة تبعث الحياة والأمل في نفوس النازحين الذين يتجرعون مرارات لا تنتهي من العذاب والمعاناة، ولم يكن أمامنا سوى هذا الحفل الجماعي».

ويضيف: «بالطبع هناك من يعترض على الفكرة ومجرد الغناء والزواج بشكل علني رغم أن الحفل منضبط للغاية ويقتصر على المظاهر الوطنية من حيث الأناشيد والفقرات، لكن الغالبية في حالة ارتياح وتنتظر اللحظة التي تفرح فيها وسط كل ما يحيط بها من أحزان».

وتلقى العرسان بعض المساعدات مثل الخيام والأدوات المنزلية والفرش والبطانيات والسلال الغذائية ومستلزمات أخرى تساعدهم على بدء حياتهم وفق المتاح للعائلات الأخرى بمثل هذه الظروف، بحسب عضو لجنة الإغاثة بخان يونس التي قدمت هذه المساعدات جهاد أبو الريش.

وبموازاة تأكيد المسؤول بلجنة الإغاثة على الرسالة الإنسانية التي يحملها الحفل الجماعي من رغبة الفلسطينيين في الحياة والفرح رغم أهوال الحرب، فإنه يدرك استغراب واستهجان البعض من مجرد الاحتفال بالزواج بمثل هكذا ظروف يسيطر عليها الموت والتدمير والنزوح.

ويعد أبو الريش أن الرسالة الأساسية للزفاف الجماعي تتعلق بقدرة الفلسطينيين على الاستمرار في حياتهم مهما كانت ظروفهم بائسة من جانب، والتأكيد على حبهم للحياة بكافة تفاصيلها ومن ضمنها الزواج والاحتفال به ولو بالحد الأدنى من جانب آخر.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً