هل تدريب مورينيو لفناربخشة مغامرة ينتظرها الفشل؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لمتابعتكم خبر عن هل تدريب مورينيو لفناربخشة مغامرة ينتظرها الفشل؟ والان مع تفاصيل هذا الخبر

مع نهاية الساعة الثانية، وبينما كان الطقس شديد الحرارة، انحنى المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو نحو الميكروفون، وقال بابتسامة ساخرة: «بعد 20 عاماً في كرة القدم، هذا هو أطول مؤتمر صحافي في مسيرتي التدريبية». ورد عليه علي كوك، رئيس فناربخشة الملياردير، قائلاً: «مرحباً بكم في تركيا».

بالطبع يبدأ الأمر دائماً على هذا النحو: ابتسامات ومزاح، ومصافحة، وفلاشات بالكاميرا، مع الوعد بتقديم شيء حقيقي وممتع، وتقديم تحية حارة لسلفه وتقديم شعار جذاب مكتوب مسبقاً تقول كلماته: «هذا القميص سيجري في دمي»، كما قال مورينيو عند كشف النقاب عن توليه القيادة الفنية للفريق، والتأكيد على أنه لا يوجد مكان على وجه الأرض أفضل له من هذا المكان، رغم أنه يعمل في تاسع أفضل دوري في أوروبا، وفي ناد لم يفز بلقب الدوري منذ عقد من الزمن، بينما يستعد للمشاركة في الجولة الثانية من ملحق الصعود لدوري أبطال أوروبا في أواخر يوليو (تموز)!

وتساءل مورينيو بشكل غامض بعد ظهر يوم الاثنين: «ما هو الطموح؟ هل طموحك هو أن يكون لديك نادٍ في لندن وتقاتل من أجل احتلال المركز السادس أو السابع أو الثامن أو التاسع؟ أو أن تقود فريقاً في إيطاليا في المركز الخامس أو السادس أو السابع؟ أو أن تكون في البرتغال؟ الطموح هو أن تلعب من أجل تحقيق الفوز، وأن تشعر بالأجواء الساخنة من حولك. بالنسبة لي، فناربخشة يعني الطموح. وهذا يعني أنني لست في منطقة الراحة الخاصة بي».

وكما هو الحال مع أفضل الممثلين، فإن جزءاً من جاذبية مورينيو المتبقية يتمثل في الطريقة التي يُعبر بها عن الأشياء. وبالمناسبة، هذا هو ما يجعل المدير الفني البرتغالي، البالغ من العمر 61 عاماً الذي لم يعد قادراً على تحقيق نجاحات الماضي نفسها، هدفاً لا يُقاوم للعلامات التجارية الكبيرة والجهات الراعية. ومن الواضح للجميع أن مورينيو يخلق من حوله ضجة كبيرة تساهم كثيراً في نجوميته. لكن ما لا نعرفه حقاً هو: هل تمت إقالته من القيادة الفنية لروما، أم رحل «بالتراضي بين الطرفين»؟

بطبيعة الحال، لم يتم الإعلان عن تفاصيل ذلك لسبب ما! لم يكن تعاقد فناربخشة مع مورينيو، بأي حال من الأحوال، أكبر قصة كروية في ذلك اليوم، فهناك بالفعل الكثير من المناورات الضخمة المتعلقة بمناصب المديرين الفنيين في أندية تشيلسي وبرشلونة وبايرن ميونيخ وليفربول وأياكس ومانشستر يونايتد وبرايتون ووستهام ومرسيليا ويوفنتوس، وهي المناصب التي أصبحت إما شاغرة أو تشهد منافسة بين عدد من المديرين الفنيين للحصول عليها. لكن لم يكن اسم مورينيو – وهو ما يمكن أن نفترض أنه كان سبباً في شعوره بالاستياء الشديد – مطروحاً من الأساس في أي من هذه الأندية!

في الحقيقة، إن كيفية وصولنا إلى هذه النقطة أصبحت قصة مألوفة تماماً، رغم أنها قد تبدو أقل منطقية إذا بحثنا في الأمر بشكل أكبر، خاصة عند النظر إلى أسماء بعض المديرين الفنيين الذين يتم ترشيحهم لهذه الوظائف: مديرون فنيون مثل فنسنت كومباني وإنزو ماريسكا وكيران ماكينا وتياغو موتا الذين تقتصر مسيرته التدريبية على موسم أو موسمين فقط، رغم امتلاكهم لقدرات جيدة.

مورينيو ورئيس فناربخشة الملياردير علي كوك (أ.ف.ب)

وفي عصر لم تعد تحصل فيه الأندية على إيراداتها من بيع تذاكر المباريات وسعة ملاعبها فقط، وإنما من التفاعل مع الجمهور ونوع القصص التي يمكن بيعها للاستهلاك العام، فهناك قيمة ملموسة لتقديم انطباع بالقدرة على التجديد. قد يكون بعض أو كل المديرين الفنيين الذين ذكرناهم سابقاً ممتازين، لكن الجزء الحاسم الآن هو أننا لا نعرف ذلك بالضبط الآن.

أما بالنسبة لمورينيو، فإننا نعلم ذلك، أو على الأقل نعتقد أننا نعرف ذلك. وحتى عند وصوله، يمكننا رؤية الخطوط العريضة للكيفية التي سينتهي بها الأمر، وتحديد خطوط الصدع التي ستتحول يوماً ما إلى انقسامات مميتة، ونقاط الضعف التي سيشير إليها مورينيو يوماً ما على أنها أعذار لفشله. فعندما سُئل عن فرص فريقه في ملحق الصعود لدوري أبطال أوروبا، رد على الفور قائلاً: «نسبة كبيرة من لاعبينا يشاركون مع منتخبات بلادهم في كأس الأمم الأوروبية». إنه يطالب بالحصول على الوقت الكافي والتحلي بالهدوء، ويحث رئيس النادي على «التحلي بالاستقرار والصبر والتوازن».

ولعل الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في هذه الوظيفة يتمثل في إلى أي مدى سيكون مورينيو تحت رحمة قوى خارجة عن إرادته. فمن ناحية، دخل على الفور في حملة الانتخابات الرئاسية للنادي، حيث يقف رئيس النادي الحالي كوك ضد سلفه عزيز يلدريم في نهاية هذا الأسبوع. ويزعم يلدريم أن مورينيو طلب إذنه أولاً قبل تولي هذه المهمة، وأن خطوته الأولى ستكون التعاقد مع باولو ديبالا وروميلو لوكاكو من نادي روما الذي كان يتولى قيادته. لكن مورينيو نفى ذلك، وتعهد بالولاء لكوك. وفي حال فوز يلدريم في الانتخابات، فسيجد مورينيو نفسه مضطراً للعمل معه بحلول يوم الاثنين المقبل. إذا، حظاً سعيداً في ذلك!

أما فيما يتعلق بالأوضاع داخل الملعب، فيعاني الفريق من التقدم في السن، حيث لا يزال إدين دزيكو (38 عاماً) ودوسان تاديتش (35 عاماً) يتحملان الجزء الأكبر من العبء الهجومي للفريق. سيكون جدول المباريات مزدحماً وقاسياً، وستكون المعايير صارمة للغاية: سلف مورينيو، إسماعيل كارتال، قاد فناربخشة لتحقيق رقم قياسي بالحصول على 99 نقطة الموسم الماضي، لكن غلطة سراي حصل على 102 نقطة وحصد اللقب في نهاية المطاف، لذا أقيل كارتال من منصبه. يُذكر أن النظام الجديد للتأهل لدوري أبطال أوروبا يعني مشاركة فناربخشة في ثلاث جولات من التصفيات. إذا، حظاً سعيداً لمورينيو في ذلك أيضاً!

جماهيرفناربخشة ترحب بمورينيو بملعب الفريق (أ.ب)

وهناك معضلة أخرى تتمثل في أن جماهير فناربخشة، التي توافدت بعشرات الآلاف إلى ملعب «شكري سراج أوغلو» يوم الأحد، تعشق مورينيو، وبالتالي فإنها تتوقع منه تحقيق المعجزات لكي يستمر هذا العشق والإخلاص له. لذا، قد لا يكفي مجرد الفوز، وإنما تريد هذه الجماهير أن يكون الفوز مصحوباً بأداء قوي وممتع، وأن تتم إهانة المنافسين والطعن في الحكام، والصراخ بشأن المؤامرات والفساد. وهذه بالطبع هي نقاط قوة مورينيو وملاذه الآمن!

ولهذا السبب لم يُلق مورينيو بالاً للأموال السعودية والأميركية. إنه يريد أن يعمل في أجواء ساخنة وسط ملاعب مكتظة بالجماهير، مع ناد متعطش لتحقيق النجاح. في الحقيقة، يبدو استمرار مورينيو مع هذا النادي لمدة عامين وكأنه ذروة التفاؤل لكلا الجانبين، لأنه من الواضح للجميع أن الأمر يبدأ دائماً بالطريقة نفسها، وينتهي دائماً بالطريقة نفسها مع المدير الفني البرتغالي.

*خدمة «الغارديان»

‫0 تعليق

اترك تعليقاً