هل يُسهم تخفيض رسوم عبور قناة السويس في زيادة حركة الملاحة؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لمتابعتكم خبر عن هل يُسهم تخفيض رسوم عبور قناة السويس في زيادة حركة الملاحة؟ والان مع تفاصيل هذا الخبر

في ظل استمرار تداعيات هجمات جماعة «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر، أصدرت هيئة قناة السويس المصرية قراراً بتخفيض رسوم العبور بنسب تتراوح ما بين 15 و70 في المائة، الأمر الذي عدّه خبراء «محاولة لتنشيط حركة الملاحة في القناة»، لا سيما مع استمرار تراجع العائدات بسبب توترات البحر الأحمر.

وتستهدف جماعة «الحوثي» اليمنية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سفناً بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تشغلها شركات إسرائيلية»، وتأتي الهجمات رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنّب المرور في البحر الأحمر، وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه هذا التغيير من ارتفاع في تكلفتي الشحن المالية والزمنية.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد قال في فبراير (شباط) الماضي، إن إيرادات قناة السويس تراجعت «بنسبة بين 40 و50 في المائة»، بسبب الأحداث في البحر الأحمر.

وأعلنت هيئة قناة السويس، أخيراً، تمديد العمل بالتخفيضات المقدمة لعدد من أنواع السفن والناقلات حتى نهاية العام الحالي. تشمل وفق إفادة رسمية، «سفن بضائع الصب الجاف المحملة أو الفارغة العاملة بين موانئ أستراليا وشمال غربي أوروبا، وسفن البضائع التي تعمل بين موانئ منطقة شرق الأميركيتين، حتى ما قبل موانئ دولة البرازيل من جهة، وموانئ منطقة آسيا من جهة أخرى، وسفن البضائع العاملة في الاتجاهين بين موانئ موريتانيا من جهة، وموانئ الخليج العربي والهند وما شرقها والشرق الأقصى من جهة أخرى».

كما مددت «قناة السويس» العمل بتخفيض الرسوم على ناقلات الغاز الطبيعي المُسال المحملة والفارغة، العاملة بين موانئ الساحل الشرقي للأميركيتين وموانئ الخليج الأميركي من جهة، وموانئ آسيا من جهة أخرى، التي تعبر القناة اعتباراً من مطلع يوليو (تموز) المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة لناقلات البترول.

سفينة شحن ترفع العلم اليوناني رست في ميناء عدن عقب تعرضها لهجوم في البحر الأحمر مارس الماضي (رويترز)

وعدّ الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مصطفى بدرة، قرار تخفيض الرسوم «محاولة لتنشيط حركة الملاحة بالقناة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «قناة السويس، هي هيئة اقتصادية استثمارية تعمل على مواكبة التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والعالمية، وفق ما يتراءى لها، لتحقيق أرباح أو تعويض جزء من الإيرادات المفقودة».

وقال إن «القناة تواجه، في ظل التوترات في البحر الأحمر، تحديات ومتغيرات عالمية، لذلك تتخذ إجراءات للتكيف معها من خلال تقديم تخفيضات وتسهيلات». وعدّ ذلك «أمراً محموداً، وخطوة إيجابية قد تسهم في تنشيط الملاحة».

بدرة أكد أن «القناة تستهدف من تلك الخطوة الحفاظ على حركة الملاحة، وعدم فقدان الخطوط الملاحية التي اعتادت المرور بها»، لكنه أشار إلى أن «الحفاظ على خطوط الملاحة العالمية يتطلب دعماً سياسياً؛ كون الشركات الكبرى تخضع لتأثير الدول».

واتفق معه الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية، اللواء عصام الدين بدوي، مشيراً إلى أن «القناة تراجع دورياً رسوم العبور وفقاً لمعدلات الحركة، ومدى استيعاب الممر الملاحي؛ لذلك من الطبيعي زيادة الرسوم عندما يكون هناك ضغط في الحركة الملاحية، وتخفيضها حال تراجعها».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هجمات الحوثيين أثرت كثيراً على عائدات قناة السويس؛ لذلك من المهم اتخاذ إجراءات من شأنها تنشيط حركة الملاحة». وعدّ تخفيض الرسوم «واحداً من هذه الإجراءات، من شأنه تعويض جزء من الخسارة».

وتوقع رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن تتراجع عائدات القناة بنسبة 40 في المائة خلال العام الحالي، إذا استمرّت الأزمة، لتصل إلى 6 مليارات دولار.

صورة للسفينة البريطانية «روبيمار» وهي تغرق بعد تعرضها لاعتداء في البحر الأحمر أخيراً (إ.ب.أ)

في السياق، لفت الخبير الاقتصادي المصري إلى أن «القناة فقدت خلال العام المالي، الذي ينتهي مع نهاية يونيو (حزيران) الحالي، نحو 3.5 مليار دولار من عائدات القناة، وهو رقم كبير جداً، يصعب تعويضه حتى بالقروض والمنح».

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قال تقرير صادر عن «البنك الدولي» إن استمرار الأزمة الناجمة عن هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر، «سيتسبب في خسائر بنحو 3.5 مليار في العائدات الدولارية لمصر». (الدولار الأميركي يساوي 47.47 جنيه في البنوك المصرية).

ويشار إلى أن «إيرادات قناة السويس بلغت 9.4 مليار دولار في السنة المالية 2022 – 2023، مقارنة بـ7 مليارات في السنة المالية السابقة»، وفق بيانات رسمية.

وبينما طالب بدرة المؤسسات الدولية بدعم مصر حتى «لا تتحمل وحدها هذه الخسائر، لا سيما أنها غير مسؤولة عنها»، أكد بدوي أن «الحل الرئيسي لتعويض الخسارة يكمن في وقف الحرب في قطاع غزة، حتى تعود الملاحة في القناة إلى سابق عهدها، بوصفها أكثر الممرات الملاحية أماناً وسرعة، وأرخصها تكلفة».

وتعاني سلاسل التوريد العالمية من تأخيرات متتالية وارتفاع التكاليف، بسبب هجمات «الحوثي». ورجح الرئيس التنفيذي لمجموعة «داناوس»، المالكة لسفن الحاويات، جون كوستاس، في مؤتمر «كابيتال لينك» بأثينا، الأسبوع الماضي «استمرار الوضع في قناة السويس حتى نهاية العام الحالي»، وفق ما نقلته «وكالة بلومبرغ».

‫0 تعليق

اترك تعليقاً