ماذا حقّق «المحافظون» خلال 14 عاماً من حكم بريطانيا؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لمتابعتكم خبر عن ماذا حقّق «المحافظون» خلال 14 عاماً من حكم بريطانيا؟ والان مع تفاصيل هذا الخبر

اتسمت الأعوام الـ14 التي قضاها المحافظون في الحكم بالمملكة المتحدة باضطرابات عدة، تمثّلت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتقصير في مكافحة جائحة «كوفيد19»، والأزمة الاقتصادية، والفضائح… فتركت قسماً كبيراً من الشعب البريطاني فقيراً ومحبطاً.

وبعد 5 رؤساء حكومات محافظين؛ 3 منهم في عام 2022، تُظهر استطلاعات الرأي أنّ حزب «العمّال» سيكون الرابح الأكبر في الانتخابات التشريعية المقرّر إجراؤها في 4 يوليو (تموز) المقبل، فقد بات من شبه المؤكد لزعيمهم كير ستارمر؛ الذي ينتمي ليسار الوسط، أنّه سيصبح رئيساً للوزراء.

زعيم حزب «العمال» كير ستارمر يلقي خطابه الرئيسي خلال اليوم الأخير من مؤتمر الحزب السنوي في برايتون (جنوب إنجلترا) يوم 29 سبتمبر 2021 (أ.ف.ب)

وتوقع استطلاع للرأي أجرته «هيئة سورافشن» ونشرته صحيفة «تايمز»، الأحد، فوز حزب «العمال» المعارض بأغلبية تقدر بـ262 مقعداً في البرلمان، بينما يحصل «المحافظون» على 72 مقعداً فقط.

وأظهر استطلاع من «وكالة أوبنيوم»؛ نشرته صحيفة «الأوبزرفر»، تقدم حزب «العمال» بواقع 17 نقطة، في حين توقعت «شركة سافانتا» «انقراضاً انتخابياً» لحزب ريشي سوناك في الاستطلاع الذي أجري لمصلحة صحيفة «صنداي تلغراف».

ويعترف المحافظون بقيادة ريشي سوناك بهزيمتهم من الآن؛ وإن بفتور، مناشدين الناخبين ألا يقدموا «غالبية ساحقة» لحزب «العمّال». غير أنّ ثقة الناخبين تبدّدت إلى حدّ أنّ الحملة الانتخابية لن تغيّر شيئاً.

وتبخّرت هذه الثقة منذ برنامج التقشّف في عام 2010 (في أعقاب الأزمة المالية عام 2008)؛ «التي أضعفت الخدمات العامة بشكل دائم»، وفقاً لتيم بايل، أستاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن. وأضاف بايل: «بعد ذلك، كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والوعد بتنفيذ هذا الخروج، للعودة بعد ذلك إلى القضايا التي يهتمّ بها الناس، مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والأمن. لكنّهم (المحافظون) فشلوا تماماً في الوفاء بوعودهم»، وفق ما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

خيبة الخروج من الاتحاد الأوروبي

يذكر أن الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وضع في عام 2016 (52 في المائة صوّتوا بـ«نعم»، و48 في المائة صوّتوا بـ«لا») حدّاً لرئاسة ديفيد كاميرون (2010 – 2016) الوزراء، خصوصاً أنّه أراد بقاء بريطانيا في «الاتحاد»، فاستقال؛ لتخلُفه تيريزا ماي (2016 – 2019) التي لم تتمكّن من إقناع مجلس العموم بالتصويت على هذا الطلاق المعقّد الذي جرى التفاوض عليه على مدى أشهر مع بروكسل؛ الأمر الذي اضطرها أيضاً إلى الاستقالة.

وبعد ذلك، جاء بوريس جونسون (2019 – 2022) وحقّق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2020، لكنّ حكمه تعثّر بسبب جائحة «كوفيد19» (أكثر من 232 ألف حالة وفاة) التي قلّل في البداية من أهميتها، مما أدى إلى بطء في التصدي لها. وأدّت فضيحة الحفلات التي أقامها في «داونينغ ستريت» خلال فترة الإغلاق، وأكاذيب أدلى بها، إلى استقالته في يوليو 2022.

وفي هذا الإطار، قال بايل إنّ «عدم تحقيق نتائج، بالتوازي مع تقويض بوريس جونسون سمعة الحزب في ما يتعلّق بالنزاهة، وتقويض ليز تراس سمعتها عندما تعلّق الأمر بالصدقية الاقتصادية… أدّت إلى الحالة المزرية التي يجد حزب (المحافظين) نفسه فيها».

وكانت ليز تراس (6 سبتمبر/ أيلول – 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2022) قدّمت بعيد وصولها إلى السلطة خطّة إنعاش تعتمد على تخفيضات ضريبية هائلة مموّلة بالديون، في سياق ارتفاع التضخّم وأزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا. غير أنّ هذه الخطة أثارت ذعراً في الأسواق. وقد أدّى ذلك إلى استقالتها بعد 44 يوماً من توليها منصبها، ليحلّ محلّها ريشي سوناك.

وخلال أشهر، تعاقبت الإضرابات (الصحة، والنقل، وعمّال البريد، والمعلّمون…) احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة. وبعدما وصل التضخّم إلى نسبة 11 في المائة، انخفض إلى 2.3 في المائة على مستوى سنوي. غير أنّ الراتب الحقيقي، مع أخذ التضخّم في الحسبان، بات مشابهاً لمستوى رواتب عام 2010.

وزير الدولة البريطاني للنقل مارك هاربر خلال مشاركته بالبرنامج التلفزيوني «صنداي مورنينغ» على قناة «بي بي سي» أمام «10 داونينغ ستريت» وسط لندن الأحد (أ.ف.ب)

انعدام المساواة

ولا يزال النمو والإنتاجية يعانيان حالة ركود، بينما وصلت الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ 70 عاماً. وأصبح شراء منزل «أكثر صعوبة»؛ بناء على اعتراف ريشي سوناك، وذلك مع ارتفاع معدل الفائدة إلى أعلى مستوياته منذ عام 2007. وما يثير القلق، بموازاة شيخوخة السكان، أنّ نظام الصحة العامة المتمثل في «هيئة الخدمات الصحية الوطنية» بات في أسوأ حالاته؛ إذ ينتظر الملايين الحصول على العلاج؛ بينهم مرضى السرطان، والسبب نقص الموظفين.

كذلك، استمرّت فجوة تفاوت الدخل في الاتساع منذ عام 2012، ممّا يجعل المملكة المتحدة من أكثر البلدان انعداماً للمساواة في أوروبا و«مجموعة السبع»، وفقاً لـ«منظمة التعاون والتنمية» في الميدان الاقتصادي.

وقبل أقل من 3 أسابيع من الانتخابات التشريعية، يسود التشاؤم. وبينما يتوق البريطانيون إلى التغيير، فإنهم يشكّكون في قادتهم السياسيين أكثر من أيّ وقت مضى، وفقاً لاستطلاع للرأي أُجري مؤخراً.

وأشار استطلاع للرأي أجرته «مؤسسة إيبسوس» إلى أنّ 37 في المائة يعتقدون أنّ الاقتصاد سيستمرّ في التدهور، بينما يعتقد 20 في المائة فقط أنّ البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. كذلك، يرى 53 في المائة أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ الذي يعدّ نقط تحوّل، حمل تأثيراً سلبياً.

هل من جانب إيجابي؟

واستجاب ريشي سوناك للأزمة عبر خلق فرص عمل (تبلغ البطالة 4.4 في المائة) وخفض معدّل الجريمة، مذكراً بالنتائج الجيّدة التي حقّقها طلّاب المدارس المتوسّطة في القراءة في «تصنيف بيزا الدولي»، متفوّقين بفارق كبير على ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة. ويشير آخرون إلى زواج المثليين الذي جرى تشريعه عام 2014 في إنجلترا، ويذكّرون بأنّ المملكة المتحدة كانت في الطليعة من حيث إزالة الكربون، وتطوير طاقة الرياح البحرية. غير أنّ البيئة ليست مصدر قلق في استطلاعات الرأي؛ إذ كانت الخدمات الصحية الوطنية وارتفاع تكلفة المعيشة من الهواجس الرئيسية للمستطلعة آراؤهم.

من جهة أخرى، يتحدث حزب «المحافظين»؛ الذي يواجه أيضاً خطر حزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة الذي يتزعّمه نايجل فاراج، عن الهجرة وخفض الضرائب. لكنّ حزب «العمّال»؛ الذي يدعو إلى قلب صفحة «الفوضى»، سيرث «وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً جدّاً»، وفقاً للخبير السياسي أناند مينون.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً