مزيد من الانغماس الغربي في توفير الدعم العسكري لأوكرانيا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لمتابعتكم خبر عن مزيد من الانغماس الغربي في توفير الدعم العسكري لأوكرانيا والان مع تفاصيل هذا الخبر

مع التحاق الولايات المتحدة الأميركية بركب الدول التي سمحت للقوات الأوكرانية باستخدام الأسلحة الغربية، ضمن شروط محددة، لاستهداف الأراضي الروسية، يكون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد حصل على مبتغاه، وتكون الضغوط المتواصلة على حلفائه الغربيين قد أثمرت أخيراً.

وتقول مصادر أوروبية في باريس إن نجاح القوات الروسية في تحقيق اختراقات في جبهات شمال وشرق أوكرانيا «أقنعت القادة الغربيين بأن تقييد القوات الأوكرانية، ومنعها من استخدام الأسلحة التي في حوزتها، ستكون لهما نتائج بالغة السوء عسكرياً وسياسياً، وأن المخاطر المترتبة على هذا السماح، رغم التهديدات الروسية، تبقى محدودة، وبالتالي لا خوف من التهويل الروسي الذي اعتدنا عليه منذ شهور».

الرئيس ماكرون والرئيس زيلينسكي في قصر الإليزيه بعد التوقيع على اتفاقية أمنية مشتركة يوم 16 فبراير الماضي (رويترز)

وبانضمام الولايات المتحدة، تكبر دائرة الدول التي استجابت لنداءات زيلينسكي، وتضم بريطانيا وبولندا وإستونيا وهولندا وكندا وفرنسا، وأيضا ألمانيا التي كانت من أكثر البلدان الأوروبية تحفظاً.

وبرر المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت، الجمعة، قرار برلين بالإشارة إلى أنه «خلال الأسابيع الأخيرة أعدت روسيا، ونسقت ونفذت، هجمات من مواقع في منطقة الحدود الروسية المتاخمة مباشرة، استهدفت منطقة خاركيف على وجه الخصوص».

الرئيس الأميركي جو بايدن سمح للقوات الأوكرانية في 31 مايو باستهداف الأراضي الروسية بأسلحة أميركية (إ.ب.أ)

وبكلام آخر، بما أن روسيا تقصف ثاني أكبر مدينة أوكرانية من داخل أراضيها، فمن حق الجانب الأوكراني الرد بالمثل، بما في ذلك استخدام الصواريخ الغربية بعيدة المدى. ولا شك أن كرة الثلج المتدحرجة سوف تجتذب دولاً إضافية مثل ليتونيا ولاتفيا والسويد وغيرها، خصوصاً بعد أن دخلت الولايات المتحدة على الخط، وهي الجهة الأكبر التي تساعد أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً.

سقوط «الممنوعات»

يعكس قرار الدول الغربية المعنية سقوط ما تبقى من «الممنوعات» التي كانت قد تقيدت بها فيما خص توفير الدعم العسكري لكييف. وللجرأة الغربية، وفق ما تفسير المصادر المشار إليها، سببان: الأول، منع القوات الروسية من تحقيق إنجازات ميدانية أساسية أو تراجع وانهيار الجيش الأوكراني، انطلاقاً من مبدأ أنه يتعين منع روسيا من تحقيق الانتصار في الحرب الدائرة منذ 25 شهراً.

ووفق القراءة الأوروبية، وهو الأمر الذي تشدد عليه كييف، فإن القوات الأوكرانية تدافع عن أوروبا وليس فقط عن الشعب الأوكراني، ولأن روسيا، إذا فازت في هذه الحرب، فإنها لن تتوقف عندها.

الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتس بمناسبة الاجتماع الوزاري المشترك في ألمانيا يوم 28 مايو (أ.ب)

والثاني: انحسار المخاوف من ردة فعل روسية. وعبر عن ذلك بوضوح أمين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الجمعة، في اجتماع غير رسمي للحلف في براغ، بإشارته إلى أن السماح باستخدام أسلحة غربية لضرب أهداف في روسيا «ليس بالأمر الجديد»؛ إذ سبق أن أرسلت بريطانيا صواريخ كروز من طراز «ستورم شادو» لكييف دون شروط. وأضاف ستولتنبرغ: «هكذا هو الأمر في كل مرة يقدم أعضاء (الناتو) الدعم لأوكرانيا، يهددوننا حتى لا نقوم بذلك».

مسيرات تم تسليمها للقوات الأوكرانية في كييف (إ.ب.أ)

وبنظره، فإن ما تسعى إليه موسكو هو «لمنع أعضاء (الناتو) من دعم أوكرانيا». وكان المسؤول الأطلسي يشير بذلك إلى تحذير الرئيس فلاديمير بوتين من «عواقب خطيرة» في حال سمحت دول الغرب لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف في روسيا. وكما لدى كل مناسبة، لم يتردد ديميتري ميدفيديف، الرئيس السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي راهناً، في التلويح مجدداً باللجوء إلى السلاح النووي لردع الغربيين.

بيد أن الغربيين لم يعطوا كييف «ضوءاً أخضر مفتوحاً»، بل حصروا السماح فقط بضرب المواقع التي تنطلق منها النيران باتجاه خاركيف ومحيطها. ووفق ما نقله موقع «بوليتيكو» عن مسؤول أميركي، فإن الرئيس بايدن وجّه مؤخراً فريقه «لتمكين أوكرانيا من استخدام الأسلحة الأميركية لأغراض الرد على مصادر النيران الروسية في خاركيف واستهداف القوات الروسية التي تضربها أو تستعد لضربها».

أمين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في براغ (أ.ف.ب)

والأهم أن المسؤول الأميركي الذي لم يحدد «بوليتيكو» هويته، كرر أن سياسة عدم السماح بضربات بعيدة المدى داخل روسيا لم تتغير. ووفق تقارير صحافية في باريس، فإن الرئيس بايدن حسم الخلاف المستعر داخل إدارته منذ أسابيع بين جناحين: الأول، يمثله وزير الخارجية أنتوني بلينكن، والداعي إلى فتح الباب أمام تمكين أوكرانيا من استخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى، والثاني يمثله مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الذي دأب على التنبيه من أخطار التصعيد مع موسكو. من هنا، «السماح المشروط» أقله العلني الذي أقره الرئيس بايدن حلاً وسطاً.

الغربيون: لسنا في حالة حرب مع روسيا

رغم قناعة الغربيين أن تهديدات روسيا فقاعات من الصابون، فإنهم يبدون حريصين على عدم استفزازها بشكل كبير، وإدراج ما يقومون به في إطار مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، وليس الاعتداء على روسيا، أو انتهاك سيادتها على أراضيها. وأكثر من ذلك، فإنهم ما زالوا مصرّين على أنهم ليسوا «في حالة حرب» معها.

وسبق للرئيس إيمانويل ماكرون، بمناسبة مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس يوم 28 مايو (أيار)، أن حدد شروط استخدام الصواريخ الفرنسية بعيدة المدى من طراز «سكالب» التي سلمت بالعشرات لكييف بقوله: «يتعين أن نتيح للأوكرانيين ضرب المواقع العسكرية التي تنطلق منها الصواريخ الروسية؛ أي المواقع التي منها يحصل الاعتداء الروسي على أوكرانيا».

واشنطن زوّدت كييف بصواريخ «أتاكمز» طويلة المدى (رويترز)

وبحسب وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، فإن القوات الأوكرانية «لم تبدأ»، وفق المعلومات التي بحوزته، «باستخدام الصواريخ الفرنسية» لضرب أهداف داخل روسيا. وقال لوكورنو، في حديث لإذاعة «فرانس إنفو» الإخبارية، صباح الجمعة، إن قانون الحرب «يعطي الدولة المعتدى عليها الحق في استهداف المواقع التي تنطلق منها الاعتداءات»، مضيفاً أن ذلك يندرج أيضاً في إطار «الدفاع عن النفس». وفي أي حال، يرى الوزير الفرنسي أن روسيا هي «المسؤولة عن هذا التطور» العسكري، وأن تزويد كييف بالصواريخ المتطورة «لا يجعل فرنسا شريكاً في الحرب»، و«لا معتدية على روسيا».

مركبات عسكرية سُلمت للقوات الأوكرانية في العاصمة كييف

الملف الأوكراني إلى الواجهة يومي 6 و7 يونيو

سيكون الملف الأوكراني رئيسياً خلال الاجتماعات التي ستحصل في فرنسا، بمناسبة الاحتفالات بمرور ثمانين عاماً على إنزال الحلفاء في منطقة النورماندي، الذي تحررت فرنسا بفضله من الاحتلال النازي.

وسيشارك الرئيس بايدن الذي سيقوم في الفترة عينها بـ«زيارة دولة» إلى فرنسا، كما سيكون حاضراً المستشار الألماني، ورئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الأوكراني الذي دعاه ماكرون للمشاركة في الاحتفالات، وبالتالي في اللقاءات رفيعة المستوى التي ستحصل.

آثار الدمار في خاركيف بعد الضربات الروسية ليل الجمعة (أ.ف.ب)

وفي هذه المناسبة، سيطرح ماكرون الذي تحول إلى «صقر» بسبب تشدده في التعامل مع روسيا، بعد أن كان الأكثر ميلاً للتفاهم مع بوتين، مشروعه الداعي لقيام «تحالف» لإرسال مدربين عسكريين غربيين لتدريب القوات الأوكرانية على الأراضي الأوكرانية. وسبق له أن طرح في 26 فبراير (شباط) إشكالية الحاجة إلى إرسال قوات إلى أوكرانيا في حال نجحت روسيا في اختراق الجبهات القتالية، وصدر طلب رسمي من سلطات كييف بهذا الخصوص.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الداعي إلى فتح الباب أمام تمكين أوكرانيا من استخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى (إ.ب.أ)

بيد أن التحفظات الداخلية والخارجية جعلت المشروع الأساسي أكثر تواضعاً، بحيث تحول إلى إرسال مدربين وليس قوات قتالية. ونقلت صحيفة «لو موند» الفرنسية المستقلة في عددها ليوم الجمعة، أن باريس تسعى لإقامة تحالف من دول «متطوعة»، بحيث يتاح للرئيس الفرنسي أن يعلن ذلك رسمياً بمناسبة وجود زيلينسكي في فرنسا يومي 6 و7 يونيو (حزيران). وحتى اليوم، هناك دول مثل بريطانيا وإستونيا وليتوانيا، أبدت استعدادها للمشاركة في هذا التحالف الموعود الذي يمكن أن يتوسع سريعاً، ويعد امتداداً طبيعياً للبرنامج الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي في عام 2022 لتدريب القوات الأوكرانية خارج أوكرانيا، والذي بموجبه تم تدريب 52 ألف رجل، خصوصاً في بولندا.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً